اجري مدير عام وزارة الخارجية الإسرائيلية يوسي غال جلسة مشاورات مستعجلة لبحث تطورات الأوضاع التي تشهدها مصر، بعد جمعة الغضب التي نفذها الشباب المصري الغاضب، وبعد خمسة أيام من موجة الغضب والأعمال الاحتجاجية التي تشهدها كبرى المدن المصرية.
أعلن ديوان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو انه يتابع ويراقب عن كثب تطورات الأحداث التي تشهدها مصر، وخصوصا في ظل ارتفاع وتيرة أعمال الاحتجاج واتساع رقعتها في الشارع المصري، فيما تقوم وزارة الخارجية الإسرائيلية بإجراء مباحثات على مدار الساعة لتقدير تطورات الأوضاع في مصر، وذكر موقع صحيفة "هآرتس" الإلكتروني بأن وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان قام بالإتصال بسفير إسرائيل في مصر يتسحاك ليفنون، ليقدم له تقديرات الوضع في مصر وبهذه المرحلة لا يوجد نية لإخلاء عائلات الدبلوماسيين الإسرائيليين من القاهرة، حيث أشارت القناة العاشرة في التلفزيون الإسرائيلي أن وزارة الخارجية أصدرت تعليماتها لموظفيها بأخذ الحيطة والحذر حيال ما يجري في مصر.
اهتمام ومتابعة إسرائيلية بالغة للأحداث في مصر
وقد استحوذت الأخبار القادمة من مصر على اهتمامات الإعلام الإسرائيلي إذ تقوم قنوات التلفزة والإذاعات الإسرائيلية والمواقع الإخبارية الالكترونية بمتابعة تطورات المشهد المصري أولا بأول، وتقوم برصد ما يجري في شوارع المدن المصرية بالصوت والصورة، ووصل الحد بالقناة العاشرة الإسرائيلية افتتاح نشرتها الإخبارية بالحديث انه من المبكر الحديث عن خسارة الرئيس مبارك.
وذكر محللون في الشؤون العربية أن الصور القادمة من القاهرة تنذر وتشير إلى قرب نهاية نظام الرئيس المصري حسني مبارك نتيجة للضغوطات الشعبية، أن مجرد انتشار الجيش المصري في الشوارع ولأول مرة وليس في القاهرة فحسب إنما غالبية المدن والمحافظات المصرية. وانه على اسرائيل الأخذ بالحسبان إمكانية انهيار النظام المصري أمام الحشود الشعبية الكبيرة التي نزلت إلى الشوارع.
وقال عدد من المحللين أن ثمة ثلاث جهات قوية تتحكم بمجريات الأمور في جمهورية مصر العربية وهي : الشرطة والمخابرات والقوات المسلحة المصرية، مرجحة في الوقت ذاته أن يستطيع النظام المصري بضبط الأمور والسيطرة على الشارع.
المؤسسة الأمنية الإسرائيلية: أي تغيير في النظام المصري يعني تغيير الأجندة الأمنية لإسرائيل
إلى ذلك رجحت جهات أمنية إسرائيلية أن التغييرات في النظام المصري الحالي قد تؤدي إلى تغيير جذري في نظريات الأمن الإسرائيلية، على اعتبار أن معاهدة السلام الإسرائيلية-المصرية هي ركيزة أساسية وإستراتيجية بالنسبة للمؤسسة الأمنية الإسرائيلية، وانه في حال انهيار النظام المصري فان ذلك سيجعل الجيش الإسرائيلي إعادة النظر في اهتماماته الأمنية وزيادة التركيز على الجبهة المصرية، لو استلم آخرين الحكم في مصر.
ونقلت "يديعوت احرنوت" عن مصادر عسكرية إسرائيلية قولها أن أي تغيير في نظام الحكم المصري سيؤدي في المستقبل إلى تحول النظرية الأمنية في إسرائيل، كون اسرائيل تعطي أهمية كبرى لاتفاقية كامب ديفيد، وبذلك قد تعمل المؤسسة العسكرية على سد الثغرات التي ستنجم عن رحيل النظام.
انهيار نظام مبارك سيبقي اسرائيل بدون حلفاء في المنطقة
المحلل السياسي في صحيفة "هآرتس" الوف بن كتب تحليلا للأوضاع التي تشهدها مصر أكد فيه أن غياب نظام الرئيس المصري حسني مبارك يجعل اسرائيل وحيده في المنطقة بدون حلفاء استراتيجيين، وخصوصا في ظل انهيار التحالف مع تركيا وقبلها إيران، موضحا أن انهيار حكم مبارك سيضع اسرائيل في ضائقة إستراتجية، ويبقيها بدون حلفاء في منطقة الشرق الأوسط، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن السلطة الوطنية والأردن لن يكونا حلفين بمقام مصر.
وأوضح بن أن زوال التحالف الاستراتيجي بين اسرائيل وتركيا يضع اسرائيل حاليا في مأزق ولا يعطيها إمكانية الاعتماد على مصر التي تمزقها الصراعات، وان ما سيحدث جراء هذه الاضطرابات في مصر سيعجل من إضعاف مكانة الولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة وبالتالي سيؤثر على موقع اسرائيل التي ستضطر البحث عن حلفاء جدد لها؟ توفر لها عمقا إقليميا على غرار تحالفاتها السابقة في بداية سنوات إقامتها، مبينا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي الأول دافيد بن غرويون اعتمد على فرنسا ثم وبعد عدوان حرب 1956 مع دول كتركيا وإيران وإثيوبيا.
وأشار بن إلى أن مبارك الذي تسلم السلطة بعد اغتيال الرئيس السادات حافظ على وتيرة التعاون مع اسرائيل بشكل علني لكن بدون حرارة، وانه امتنع منذ توليه الحكم زيارة اسرائيل سوى مشاركته في جنازة رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق يتسحاك رابين الذي اغتيل في تشرين الثاني/ نوفمبر 2005.
ولكن رغم حالة الجمود في العلاقات والسلام البارد بين اسرائيل ومصر، إلا أن نظام الرئيس مبارك بقي الحليف المركزي والرئيسي لإسرائيل في منطقة الشرق الأوسط، حيث حافظ نظام الرئيس مبارك على هدوء الحدود الجنوبية لإسرائيل ما سمح لإسرائيل تركيز اهتماماتها العسكرية في الضفة الغربية وقطاع غزة وكذلك الجبهة الشمالية مع لبنان. ما أزال خطر نشوب حرب شاملة في المنطقة كما هو الحال لما حصل في الأعوام 1967 و1973.
وقال بن انه ومنذ تولي مبارك السلطة في العام 1981 تغير 8 رؤساء حكومات في اسرائيل، وانه حافظ على علاقات جيدة مع رئيسيين للوزراء في اسرائيل وهما يتسحاك رابين(1992-1995) ورئيس الوزراء الإسرائيلي الحالي بنيامين نتانياهو خلال ولايتيه الأولى والثانية حاليا. منوها إلى أن نتانياهو زار القاهرة منذ عودة إلى السلطة في 2009 عدة مرات لمناقشة العملية السياسية مع الرئيس مبارك. بادعاء أن إيران هي خطر مشترك للطرفين، والقلق المشترك من ضعف وابتعاد الولايات المتحدة برئاسة باراك أوباما.
شرق اوسط جديد
تسفي برئيل محلل الشؤون العربية في صحيفة "هآرتس" أوضح في مقال تحليلي نشره في الصحيفة أن حركات المعارضة المصرية سجلت انجازا هائلا. وان التخطيط أثبت نفسه. وبين انه وفي اليوم الأول للمظاهرات، وبأمر من الرئيس، وجهت قوات الأمن للامتناع عن استخدام العنف. سمح لها باستخدام الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه، كما تم الترحيب بالاعتقالات ولكن حظر الضرب وإطلاق النار.
وأضاف مصر، خلافا لتونس، هي دولة مجربة للمظاهرات، الإضرابات والاحتجاجات، تعرف كيف تأخذ بالحسبان الرد الجماهيري والدولي على سلوك الحكم. والاحتجاج في مصر لن يسقط الحكم ولن يغير طريقة نظام الحكم، ولكنه كفيل بان يدفع إلى الأمام بجودة الحياة ويدفع النظام إلى التعاطي بجدية اكبر مع مشكلة البطالة وضائقة السكن بل وربما يؤثر على الحملة الانتخابية للرئيس حسني مبارك. خبراء مصريون قدروا منذ ألان بان مبارك كفيل بان يعلن بأنه في الانتخابات في أيلول سيتنافس لفترة ولاية أخرى. وهكذا يزيل، مؤقتا على الأقل احد أسباب الاحتجاج: المعارضة لتوريث الحكم لابنه.
أما المحلل في صحيفة "يسرائيل هيوم" يعقوب عميدور كتب يقول إننا أمام شرق أوسط جديد ومشتعل في 1993 عندما وقع زعماء اسرائيل على اتفاقية أوسلو تحدثوا عن شرق أوسط جديد بنبرة متفائلة ولكنهم اخطئوا كثيرا، بعد أن اعتقدوا أن الشرق الأوسط سيكون أكثر انفتاحا نحو اسرائيل وإمكانية العيش بسلام في المنطقة، لكن الشرق الأوسط اليوم مختلف حيث يحكمه قيادة آيات الله من طهران والقاعدة، والتغيير الكاسح في تركيا هو رمز التغيير في الشرق الأوسط في العقد الأخير.
إلى ذلك نقلت وسائل الإعلام الإسرائيلية تصريحات لوزير إسرائيلي أدلى بها لصحيفة "التايم" البريطانية أشار فيها إلى أن الأحداث في مصر زلزال في الشرق الأوسط، وان اسرائيل تعتقد أن النظام المصري سوف يتغلب على المظاهرات، وأن الرئيس المصري حسني مبارك سوف يظل في رأس السلطة.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire