اعتبره بعضهم على أنه سلعة جذابة في السوق لفطنته وشخصيته الدافئة والجذابة، إلا أنه يبدو أن لدى رافائيل بينيتز، الذي اقيل مؤخراً من انتر ميلان، رغبة لا تشبع من الصراع وحبه لخلق .لفوضى من الهدو
لندن: فيما يحتفل رافائيل بينيتز بعيد الميلاد في
منزله في شبه جزيرة يرال، شمال غربي انكلترا، بعد إقالته من تدريب انتر ميلان، فإنه من غير المستبعد أن تصاغ نظرية عودته إلى انفيلد في أذهان بعض أنصار ليفربول.وهذه النظرية التي قد تتبلور حتى في ذهن بينيتز نفسه، وقد تكون الانتقادات اللاذعة خلال الأشهر الستة فقط التي قضاها في سان سيرو هي في الواقع الطريق الذي يؤدي إلى أنفيلد.
ولكل الاضطرابات والأداء المتوسط لفريقه في موسمه الأخير مع ليفربول، فإنه ليس هناك أي شك أن الاسباني يعتبر واحداً من الشخصيات الأكثر تعقيداً ومسبباً للانقسامات في اللعبة الذي ما يزال له مكاناً، مهما كان صغيراً، عند أنصار النادي الذي استبعده.
ومع ذلك، إذا كان بنيتيز والمعجبين به مازالوا يحتفظون ببصيص من أمل على أنه يمكن في يوم من الأيام أن يستعيد الاسباني وظيفته القديمة، فإنه قد يكون من الأفضل عليهم أن يفكروا مرة أخرى، لأن قابليات بينيتز ستنبه الأندية الأخرى في كل أنحاء أوروبا على رغم الأضرار التي لحقت بسمعته في الـ18 شهراً الماضية التي تشمل ضعفه في ليفربول وسقوطه السريع في انترناسيونال.
ونظراً إلى أنه يحتفظ بمنزله على ضفاف نهر ميرسي قرب ليفربول الذي لجأ إليه بعد نهايته المثيرة للجدل في سان سيرو، فإنه قد يكون هناك "خاطبين" لبينيتز من أندية الدوري الممتاز، إذا بقي في السوق لفترة كافية.
ومع ذلك، في حين أنه يحتفظ بعاطفة خاصة لمشجعي ليفربول، حتى أنه أشار إليهم بعد فوز انترناسيونال بكأس العالم للأندية في أبوظبي مؤخراً، واتضح أنها كانت مباراته الأخيرة مسؤولاً عن النادي في الدوري الايطالي، فإنه من غير المرجح أن رحلته من ايطاليا إلى انكلترا ستستقطب أكثر من نظرة عابرة في مجلس إدارة ليفربول.
أولاً، لدى ليفربول مديراً فنياً هو روي هودجسون. ومن المسلم به أنه هو الآخر يسعى جاهداً لفرض نفسه. ولكن مع ذلك، فإنه ما يزال يحتفظ بدعم المالك الجديد جون ويليام هنري ومجموعة "نيو انكلاند سبورتس فينتشرز" للاستثمارات من بوسطن.
ولدى ليفربول أيضاً مديراً لاستراتيجية كرة القدم وهو الفرنسي داميان كومولي الذي سبق أن عمل مع موناكو وسانت ايتيان وارسنال وتوتنهام والذي تم تعيينه من قبل هنري. ولكن في عالم بينيتز الإداري – وهنا ليس وحده – يمكن أن يكون هناك مديراً واحداً فقط لتسيير استراتيجية كرة القدم في النادي، وهذا الشخص هو بينيتز نفسه.
وأخيراً، وبشكل ملحوظ إلى حد ما، فإنه ما يزال لدى جزء كبير من المسؤولين التنفيذيين في أنفيلد الذين عاشوا خلال الأشهر الأخيرة المضطربة لنظام بينيتز، ذكريات لن تنسى.
وهناك أيضاً شعوراً لا يزال داخل ليفربول الذي عبر عنه بقوة هودجسون، على رغم أن سلفه طعنه، عندما ادعى أن أنفيلد كان مكتظًاً ببيئة من لاعبين يائسين عندما وصل الاسباني إليه والتي كلفته فشله.
وأظهر بينيتز، الذي ترك ليفربول مع مستحقات وصلت إلى ستة ملايين جنيه استرليني، كما ذكرت التقارير، فطنته التي جعلته سلعة جذابة في السوق، إلا إذا كان يمكنه أن ينأى بنفسه عن التسييس القهري الذي ميزت سيرته.
والمدرب الذي يعتبروه الكثيرون شخصية دافئة وجذابة، فإنه يبدو أيضاً أن لديه رغبة لا تشبع للدخول في الصراعات وحبه لخلق الفوضى من الهدوء. وسيُدرس مثل هذا المسار في سجل بينيتز عن كثب من قبل أرباب العمل المحتملين.
رجل التناقضات
فعلى رغم أنه كان يُنظر إلى الاسباني على أنه لا يرحم وأنه على استعداد لتجميد أولئك الذين لا يؤمنون بأساليبه، إلا أنه كان سخياً بما فيه الكفاية، خصوصاً عندما تبرع بـ96 ألف جنيه استرليني لـ"مجموعة دعم أسر كارثة هيلزبوره" التي راح ضحيتها العشرات من أنصار ليفربول في 1989.
في حين أنه يشتهي أن تكون لديه السيرة المطلقة، ويلقي في الكثير من الأحيان اللوم على الآخرين عندما تنحرف الأمور عن مسارها، ويطالب دائماً بأن تكون لديه المسؤولية الكاملة، ويبدو – حتى الآن – متردداً في تحملها عندما تصبح الأوقات عصيبة.
هذه التناقضات تنطبق أيضاً على الآراء عندما يتعلق الأمر بمكانته كمدرب. فقليلة جداً تكون محايدة في موضوع رافائيل بينيتز.
فقد كان رائعاً في فالنسيا عندما حل محل المدرب هيكتور كوبر، إذ جلب إلى ميستايا لقبين للدوري الاسباني وكأس الاتحاد الأوروبي قبل أن يغادر إلى ليفربول.
واختلف المدرب – أصبحت في ما بعد العلامة المميزة له – مع مدير إدارة الكرة خيسوس غاريسيا بيتارتس عندما قال شكوته الشهيرة: "سألت عن طاولة فجلبوا لي اللمبة".
وستكون لبينيتز حتماً مكانة خاصة، وبجدارة، في تاريخ ليفربول بعدما حقق المعجزة في اسطنبول عندما فاز بدوري أبطال أوروبا عام 2005. ومع ذلك، أصبح من الواضح أنه كانت هناك علاقات متعثرة مع التسلسل الهرمي في النادي، ولا سيما مع الرئيس التنفيذي السابق ريك باري والمالكين السابقين الأميركيين جورج جيليت وتوم هيكس، بالإضافة إلى المدير التنفيذي السابق كريستيان برسلو.
وحتى مع هذه الخلفية، فقد فاز بينيتز بكأس الاتحاد الانكليزي ضد ويستهام في 2006، وفي العام التالي بلغ نهائي دوري أبطال أوروبا مرة أخرى، إلا أن فريقه انهزم أمام ميلان. ولكن تعثر كل شي منذ قيادته لليفربول إلى المركز الثاني في الدوري الممتاز للموسم 2008/2009 متخلفاً عن حامل اللقب مانشستر يونايتد بأربع نقاط فقط.
وفي تلك الحملة انتج بينيتز تشكيلة في ليفربول يمكن أن تلعب بقوة وبسرعة عالية في كرة قدم هجومية من عيار التي شهدت إطاحة ريال مدريد من دوري أبطال أوروبا في ليلة سحرية في أنفيلد، وبعد أربعة أيام فقط الفوز الكاسح 4-1 على مانشستر يونايتد في أولد ترافورد.
ووسط انتقادات لسلوك بينيتز والمشاحنات مع أصحاب ليفربول، وفي نهاية المطاف الهجوم الذي لم يكن له معنى على المدير الفني للشياطين الحمر السير اليكس فيرغسون دفاعاً عن نفسه عندما كان ليفربول يتصدر الدوري الممتاز في أوائل 2009، فإنه ينبغي أن يكون هناك أيضاُ الفضل في الكثير من الأعمال الاسباني قبل أن يتراجع حكمه إلى خاتمة بائسة.
وتكرر ميل بينيتز للمواجهة في انتر ميلان، عندما طلب من مالك النادي ورئيسيه ماسيمو موراني على "ادعمني أو اطردني"، بعد الفوز على تي بي مازيمبي الكونغولي في نهائي كأس العالم للأندية في أبوظبي مؤخراً، التي قبلها رئيس انترناسيونال القوي بكل سعادة، إلا أنها لم تكن في صالح الاسباني. فلم تكن هناك منضدة ولا لمبة، بل مجرد باب وطريقة الخروج منه.
وجاء هذا التحدي للسلطة وبينيتز في موقف ضعيف ويكافح بشدة لمطابقة مآثر خصمه القديم وسلفه البرتغالي جوزيه مورينيو الذي فاز مع انتر في الموسم الماضي بلقب الدوري الايطالي وكأس ايطاليا ودوري أبطال أوروبا.
وكأنه كان الاسباني يسير في فخ متفجر من صنع مورينيو، فكيف يمكن لبينيتز من بناء على مفاخر "المدرب الوحيد والخاص"؟ ربما كان يحتسي من كأس مسمومة!
وكان بينيتز يأمل بتحقيق ذلك بأسلوب أكثر جاذبية، إلا أنه كان دعوماً بإصابة لاعبين بارزين والتردد من جانب موراتي بتخفيف ميزانية سوق الانتقالات. ثم، لشخص على ما يبدو فقط على استعداد لافتعال اشتباك، اختار بينيتز واحداً مما لا يستطيع التغلب عليه.
وسبق أن قال عندما حاول جلب جناح ليفربول ديرك كويت إلى سان سيرو: "أنا المدرب وأنا لا استطيع التعاقد مع لاعبين، فهذه هي مسؤولية المدير الإداري والرئيس. أنا بخير في مثل هذه الظروف، لأنني سأستطيع التركيز على عملي على أرض الملعب وهذا هو كل شيء. أنا المدرب ولست مديراً إدارياً للكرة".
ويبدو من المنطقي الافتراض أنه في رغبة بينيتز للحفاظ على الجذور في ميرسيايد، فإنه سيكون سعيداً جداً للعمل في الدوري الممتاز مرة أخرى.
جغرافياً، قد يتناسب بلاكبيرن روفرز مع غاياته، ولكن من الصعب جداً رؤية أي طريقة أخرى ستكون مريحة ومناسبة للاسباني. فقد قيل لستيف كين إنه سيكون مسؤولاً في إيوود بارك حتى نهاية هذا الموسم. وبينيتز، على أي حال، قد لا يعتبر بلاكبيرن النادي اللامع بما يكفي لتلبية طموحاته. بالإضافة إلى الطريقة المفاجئة التي استغنت المؤسسة الهندية عن المدير الفني سام الاردايس بعد وقت قصير جداً من ملكيتها للنادي، الطريقة التي توحي انه لا يوجد تطابق مثالي بين أصحاب النادي وبينيتز.
ولكن ماذا عن ويستهام؟ مثل ليفربول، لديهم مديراً فنياً مثل افرام غرانت معرضاً للإقالة في أي لحظة. ولكن معركة الهبوط في العاصمة لندن لا تبدو أنها الأراضي الطبيعية لبينيتز.
أما العودة إلى لا ليغا فتبدو مستحيلة، حيث أن انجازاته مع فالنسيا في تفكيك احتكار ريال مدريد وبرشلونة لصدارة الدوري الاسباني تضمن على أن أسهمه ما تزال مرتفعة. ومع ذلك، قد ينتقل إلى أندية في المراكز السفلى بعض الشيء في ترتيب الدوري حتى يستأنف معركته مرة أخرى.
أينما سيكون اتجاه بينيتز المقبل، فإنه بالتأكيد ستتبعه التناقضات والمواجهات نفسها لضمان على أنه لا يزال واحداً من الشخصيات الشاذة الأكثر إثارة في عالم كرة القدم.
elaph
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire