samedi 26 février 2011

إسرائيل تلجأ إلى التكنولوجيا والإنترنت بحثًا عن شاليط

لجأت إسرائيل في الآونة الأخيرة إلى التكنولوجيا الحديثة في محاولة للوصول إلى مكان الجندي المختطف في قطاع غزة، جلعاد شاليط، الذي أُسر في العام 2006 ولم تنجح المفاوضات بين إسرائيل وحركة حماس حتى الآن في إطلاق سراحه.


يتذمر أهالي غزة من كثرة الرسائل اليومية القصيرة (الصوتية والمقروءة) التي تصلهم على هواتفهم مطالبة إياهم بالإبلاغ عن مكان الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط والذي أسر في عام 2006.
ويجمع الفلسطينيون على أن إسرائيل لم تكن جدية في مفاوضات صفقة التبادل، وفشلت في الوصول إلى شاليط، فاستخدمت أساليب أخرى، منها إطلاق موقع إلكتروني تعرض فيه عشرة ملايين دولار لمن يدلّ على مكان شاليط، وهو المبلغ عينه مصحوب بنص صوتي يصل إلى أهالي غزة عبر هواتفهم النقالة والأرضية، وهو ما فشلت به حتى اللحظة حسبما يقول الأسرى المحررون. 
فشل عملائها واجهزتها في الوصول إلى معلومة
الأسير السابق والباحث المتخصص في شؤون الأسرى عبد الناصر فروانة قال إن استمرار إسرائيل في إرسال الرسائل القصيرة (الصوتية أو المقروءة) عبر الهواتف (النقالة أو الثابتة) لسكان قطاع غزة بحثاً عن معلومات حول مصير الجندي الإسرائيلي "جلعاد شاليط" المأسور لدى فصائل المقاومة في القطاع، إنما يكشف حقيقة موقفها وعدم جديتها في استعادته عبر المفاوضات وعدم جاهزيتها في دفع استحقاقات عملية التبادل.
وأضاف إن "إسرائيل تصرّ على مبدأ القوة في الوصول إليه واستعادته بدون ثمن، معتمدة على عملائها وأجهزتها الأمنية المختلفة وتكنولوجيتها المتطورة، رغم فشلها في ذلك طوال السنوات الخمس الماضية".
وأشار فروانة إلى أنه تلقى رسالة على هاتفه الفلسطيني النقال "الجوال الدولي"، وأثناء وجوده في القاهرة رسالة تبدي دفع "10 مليون دولار أميركي لمن يدلي بمعلومات عن الجندي المخطوف مع ذكر عنوان الموقع الألكتروني الخاص بذلك".
وبيّن فروانة أن "هذه الرسائل تندرج في إطار سياسة قديمة جديدة انتهجتها، ولا تزال تنتهجها سلطات الإحتلال بهدف الحصول على أية معلومة تقود إلى معرفة مصير "شاليط"، ومن ثم الوصول إليه، حيث سبق وأن وجهت في فترات سابقة رسائل مقروءة وصوتية عديدة لسكان قطاع غزة عبر الهواتف الثابتة والنقالة، تحمل المضمون نفسه".
ورأى فروانة أن استمرار اسرائيل في سياستها هذه إنما يعكس فشلها الذريع وفشل عملائها وأجهزتها الأمنية المختلفة في الوصول الى معلومات عن مصير "شاليط" ومكان احتجازه بعد مرور أكثر من أربع سنوات ونصف سنة، على أسره في القطاع.
وتابع إن "على اسرائيل التخلي عن مبدأ القوة في استعادته، والتجاوب الفعلي مع الفاوضات المتعلقة بعملية التبادل إذا أرادت استعادته حياً واغلاق هذا الملف".
كما أشاد فروانة بقدرة الفصائل الآسرة على إخفائه بعيداً عن الأعين الإسرائيلية وأجهزتها وتكنولوجيتها المتطورة، والنجاح في الإستمرار في أسره طوال السنوات الماضية، في مساحة جغرافية صغيرة جدًا لا تزيد عن 360 كم2، داعياً في الوقت نفسه الفصائل الآسرة لـ "شاليط" الى أخذ الحيطة والحذر والإنتباه لكل ما تقوم به الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، والحفاظ عليه بعيدأ عن الأعين الإسرائيلية، بما يؤمّن ويحقق إتمام عملية تبادل مشرفة تكفل اطلاق سراح الأسرى القدامى ورموز المقاومة من كل المناطق الفلسطينية، وفي مقدمتهم أسرى القدس والـ 48.
إسرائيل غير جدية في استعادته عبر المفاوضات 
من جهته قال بهاء المدهون وكيل وزارة الأسرى المساعد في حديث لـ"إيلاف" إن إسرائيل تفعل ذلك بسبب فشلها في الحصول على معلومات أو الوصول إلى طريقة أسهل تدلهم على مكان الجندي الأسير جلعاد شاليط بالوسائل التي كانت تتبعها سابقا كالعملاء والرصد والمتابعة مثلا".
وأوضح أن "إسرائيل تريد الحصول على معلومات مجانية من دون أن تدفع ثمن الصفقة، بل وتقفز عن كل ما يتم الإتفاق عليه، وتتعامل بالجانب الإستخباراتي والمالي، من خلال عرض مبالغ كبيرة على المواطنين في محاولة لإبتزازهم".  وتابع إن "إسرائيل تعتمد على العمل الإستخباري لأن وسائله متعددة وهو طويل النفس، ويعمل بالخفاء".
وأشار المدهون إلى أن وزارة الأسرى لا تفكر في تقديم شكوى ضد إسرائيل بسبب استخدامها أسلوب الإتصالات وترغيب الناس بالمال من أجل حثهم للبحث عن مكان الجندي شاليط، أو الإبلاغ عنه فور معرفة مكانة، وذلك لأنه يرى بأن إسرائيل تنتهك القوانين الدولية كافة، وتتصرف أكثر من ذلك".
وأضاف "إسرائيل ترتكب جرائم حرب، وخاصة بحق الأسرى الفلسطينيين، وتنتهك القانون الدولي يوميًا عشرات المرات، وتابع إن "أي شكوى ضد الإحتلال في هذا الإتجاه لن تجعله يتوقف أو يستمع إلى أحد، مع العلم أن الشكاوى التي يمكن تقديمها في هذا الإطار قد تشكل له فضيحة دولية".
وبيّن أن صفقة التبادل متعثرة الآن وأن إسرائيل هي المسؤولة عن تعثر الصفقة بسبب تعنتها في شروطها ومطالبها ومماطلتها الدائمة مع الوسطاء. وقال المدهون إن الفصائل الآسرة تعي جيدًا خطورة موضوع الرسائل الإسرائيلية اليومية، وأن الفصائل نجحت في توعية المواطنين وتحذيرهم من السقوط في مستنقع العمالة والطمع بما تقدمه إسرائيل.
وتوقع أن تستمر إسرائيل في أسلوب إرسال الرسائل بأشكالها كافة، بل ومن خلال الرصد بأجهزة تكنولوجية أخرى برّا وجوا لتحصل على طرف خيط أو أي معلومة بسيطة قد تدلهم على شاليط، لكنه أشار إلى أن الفصائل لن تقع فريسة وهي مدركة للأمور، وكذلك المواطنين لديهم حالة وعي كاملة في ما يتعلق بقضية الأسرى.
انتهاك للقانون وخصوصية المواطنين
رأفت صالحة المحامي في الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان قال لـ"إيلاف" إن لديهم إفادات من مواطنين تم التحقيق معهم عند سفرهم عبر المعابر الإسرائيلية، إدعوا أنهم تعرضوا للإستجواب على خلفية مكالمات أجروها مسبقا، وعن أشكال علاقاتهم، وذلك يؤشر إلى استخدام إسرائيل تكنولوجيا الإتصالات ضد الفلسطينيين".
وحثّ صالحة السلطة الوطنية على أن يكون لها موقف حازم وصريح وقانوني، فقال "لا أعتقد أن هناك أي اتفاقيات سرية بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل تجيز للأخيرة التنصت على الأجهزة الخلوية وإختراق شبكات الهاتف الأرضي، كما إنه لا يوجد ما يمنع السلطة من رفع دعوى قضائية ضد إنتهاء إسرائيل لخصوصية الناس".
وتابع "ولكن الجميع ينظر للمشكلة على أنها بسيطة، وأن الشعب الفلسطيني واعٍ، ولن يتعاطي مع الرسائل الإسرائيلية في موضوع شاليط، وهذا خطأ، حيث إن انتهاك القانون وخصوصية الناس لا يصنف حسب حجم المشكلة، وإنما على أنه انتهاك صريح، وإصرار عليه".
وبيّن صالحة أنه وفقاً للأضرار التي تعود على شبكة الإتصالات الفلسطينية ومستخدمي الشبكة فإن بإمكانهم الحصول على تعويض مالي وملاحقة قانونية لمن أصدر قرار ببث الرسائل الصوتية الخاصة بقضية شاليط على هواتف الفلسطينيين. وأشار قائلاً "لا بد أن يتم إثبات التنصت على الهواتف وبث الرسائل الصوتية عبر الهواتف الفلسطينية، وذلك ليس بالأمر الصعب، حيث إن بإمكان السلطة استخدام خبراء اتصالات في هذ الموضوع، والتنسيق مع جملة من المحاميين الدوليين".
وأوضح صالحة أنه "لابد أن نأخذ بعين الإعتبار بأن فلسطين وإسرائيل ليستا دولتين، وتمنع أحدهما بالتنصت على الأخرى، وإنما إسرائيل دولة محتلة قطاع غزة، وتسيطر على المعابر البرية والبحر والجو، ولذلك تتصرف كما تريد كدولة محتلة".
وقال صالحة إنه لم يطلب أي فلسطيني حتى الآن، ولم يقدم أحد على رفع دعوى قضائية في هذا الموضوع كي يتم ملاحقة إسرائيل أو حتى دفعها إلى إيقاف مثل هذه التصرفات، وتابع "وحتى إذا كنا نتحدث عن إنتهاكات إسرائيلية فإن هناك آلاف الإنتهاكات التي هي أولى أن نفتح ملفاتها ونهتم بها قانونيًا على الصعيد الدولي".
يذكر أن جولات عديدة من المفاوضات كانت قد جرت في أوقات سابقة ما بين "اسرائيل" وحركة حماس بشكل غير مباشر عبر وسيط ألماني وبرعاية مصرية لإتمام صفقة تبادل الجندي "شاليط" الذي تحتجزه ثلاثة فصائل فلسطينية منذ يونيو/حزيران 2006، بمئات الأسرى الفلسطينيين المحتجزين في سجون الإحتلال الإسرائيلي منذ عشرات السنين.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire