عندما لا يستطيع الفرد أن ينجز أعماله في الوقت المحدد ، وعندما لايفرق بين عمل مهم وآخر غير مهم ، وعندما يسقط من
حساباته أجندة مواعيده ، ويتغيب عنها أو ببساطة يتناساها ويتجاهلها ، وعندما تتراكم الفواتير التي تستحق الدفع أو تفقد نتيجة للإهمال ويظل يبحث عنها عبثا ، وعندما يصبح المنزل في حالة فوضوية وتتناثر الكتب في كل مكان ، وتغطي الجرائد القديمة المبعثرة أرضية المكان ، والأتربة تعلو الأثاث وتعمّ الفوضى والقذارة ويصبح المكان ببساطة غير محتمل فإن الأمر ينذر بالخطر وفق دراسة عالمة النفس الألمانية شارلوت كوخ التي أشارت الى أن الفوضويين هم ببساطة مرضى نفسيون يجب أن يخضعوا للعلاج النفسي .
إتخذ الأطباء النفسيون في ألمانيا خطوات فعالة في هذا المجال ، واستطاعوا بالعلاج النفسي وتدريب المرضى تحقيق نجاحات ساعدت مرضاهم للتخلي عن هذه العادة السيئة.
في بداية الثمانينات بدأ الاعلام العالمي إدخال كلمة الفوضويين الى قاموسه والإهتمام بها ومن ثم أصبح علماء النفس والتربية يولون إهتماما خاصا لهؤلاء الناس وراحوا يدرسون أسباب المشكلة ومن أين نشأت؟ ولماذا ؟ ولم يقف الأمر عند ذلك بل تشكلت في أميركا ولأول مرة في سنة 1981 جمعية أطلق عليها "مجموعة ساعد نفسك" وهذه المجموعة منوط بها حث الأفراد ومساعدتهم على التخلص من المقتنيات التي ليس لها لزوم في منازلهم ومساعدتهم على تنظيم أوقاتهم ومحاولة لإعادتهم الى الحياة العادية قبل تفاقم المشكلة ووصولهم الى الحالة المرضية .
ولوحظ أنّ هذه العادة غالبا ما تكون موجودة لدى كبار السن ، لكن المؤسف أن الدراسات الحديثة أثبتت أيضا أن هذه العادة موجودة عند صغار السن أي لا تتوقف على عمر ولا فئة محددة إنما تمتد الى كل طبقات المجتمع ويمكن ان تجدها بين الغني والفقير وبين الطفل والعجوز والرجال والنساء وتقول تلك الدراسات إنه في أغلب الأحيان عندما يتوفى رفيق العمر أو يفقد الإنسان الوظيفة يصبح في حالة إرتباك وحيرة قد يترتب عليها أن يبقي على الكثير من المقتنيات أو الملفات والأوراق التي قد يكون وقتها قد إنتهى ولم تعد تمثل أي فائدة .
إن الوصول الى مرحلة الفوضى يرجع في الغالب الى عدم قدرة الإنسان على الوفاء بمتطلباته واحتياجاته في تناسق وتوازٍ مع البيئة المحيطة به ، وعندما تفشل توقعاته بشأن ما خطط له فإنه يصبح في حالة من الجمود وعدم القدرة على التصرف ويصاب بحالة من عدم المبالاة ويهمل واجباته وتعم الفوضى حياته .
عالمة النفس الطبيبة "شارلوت كوخ " تقول عن تلك الحالات إن الفوضى لا تنفصم عن الكمال وأن ارتباطها بشخص ما قد يكون بسبب أن الشخص ينشد الكمال وبسبب صعوبة ذلك فإن التردد المزمن وعدم استطاعته الوصول الى ذلك ، فإن النتيجة تكون هي الفوضى والإستمرار في تكديس الأشياء والوصول الى مرحلة عدم التركيز وعدم اتخاذ القرار في الوقت المناسب.
الفوضويون بشكل عام يعانون حالة من التخبط الفكري الذي لانهاية له ويضعون حدودًا فاصلة لكل شيء، فعلى سبيل المثال لا يحبذون فكرة زيارة ضيف او صديق للمنزل لان هذا قد يصيبهم بالحرج الشديد من فوضوية المكان الذين يعيشون فيه ، وقد يسبب ذلك لهم اللجوء الى الإنطواء والإحساس بالعزلة الإجتماعية ، لكن الخطر الكبير أن ذلك يتم بتلقائية من دون أن يدركوا حقيقة الفوضى التي يعيشون فيها لأنهم ببساطة تخلصوا من الضيوف الذين يمكنهم تذكيرهم بتلك الحالة التي يعيشون فيها .
يقول العلماء إن تفاقم مشكلة الفوضى عند بعض الناس يمكن ان تتطور الى مرحلة المرض والإدمان والشراهة في الإقبال على الطعام او إدمان التسوق وإضطرابات الطعام ، لأن من أعراض مرض هؤلاء الناس هو عدم التركيز و التّشتت والوقوع تحت المؤثرات الخارجية التي تدفعهم الى فعل الشيء دون تركيز.
بعض الباحثين يربطون بين عادة الفوضى وعدم التركيز عند الأطفال وفرط الحركة أو ما يسمى Hyperaktivitäts Syndrom ADHS الذي يصيب بعض الأطفال ويرجع الأمر في ذلك الى نقص إفراز الدوبامين في الدماغ وهو الأمر الذي يؤدي الى عدم إنجاز الأشياء بالشكل الصحيح نتيجة لضعف التركيز ، وهذه النتيجة المحددة هي التي دفعت الباحثين في المانيا الى مطالبة المرضى او الذين يشعرون بحالات الفوضى الى زيارة أو إستشارة الأطباء النفسيين ومن ثم يمكن ان يكون لديهم الخبرة الكافية في علاج هؤلاء. |
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire