samedi 11 décembre 2010

زيارة بشار الأسد تكشف عن اعتراف فرنسي بالدور السوري

تكشف زيارة الرئيس السوريّ إلى باريس الأسبوع الحالي عن موقف فرنسيّ يراهن على ثقل دمشق في استبعاد المخاطر التي قد تعصف باستقرار لبنان. ويؤكد المتخصص في العلاقات الدولية محمد عجلاني لـ(إيلاف) أن ساركوزي يتعاطى ببراغماتية مع سوريا عكس الرئيس السابق شيراك.

باريس: جاءت زيارة الرئيس السوري بشار الأسد هذا الأسبوع إلى فرنسا لتؤكد من جديد الرأي القائل إن باريس غيّرت موقفها تجاه النظام السوري بشكل ملحوظ، مقارنة مع الموقف الذي كان سائدا خلال عهد جاك شيراك، ورغم الانتقادات التي كانت هدفا لها من أهم حليف لها أي الولايات المتحدة الأميركية، كما كشفت عن ذلك الوثائق الدبلوماسية التي سرّبها موقع ويكيلكس.
فواشنطن تعتبر المقاربة الفرنسية في التعاطي مع دمشق "متسرعة"،على اعتبار أن سوريا، بحسب ملاحظين مؤيدين للطرح الأميركي، لم تقدم أي شيء مقابل الانفتاح الفرنسي تجاهها أمام مقاطعة استمرت لسنوات للعالم الغربي لها، باستثناء فتح سفارة لها في بيروت على حد قول أحدهم.
لكن بحكم الدور السوري في لبنان، يعتقد خبراء في العلاقات الدولية أنه لا يمكن ضمان استقرار الوضع في هذا البلد دون المرور بدمشق، مزكّين الرؤية الدبلوماسية لساركوزي نحو سوريا، نظرا لقوة العلاقة التي تربط دمشق بحزب الله إحدى أهم القوى السياسية الفاعلة على الساحة اللبنانية، إذ يصف المتابعون مقاربة ساركوزي بهذا الشأن بـ"البرغماتية".
الأسد يحذّر
حذر الرئيس السوري بشار الأسد الجمعة من باريس ان يكون القرار الاتهامي المرتقب صدوره عن المحكمة الخاصة بلبنان المكلفة التحقيق في اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري "مبنيا على شبهات أو تدخل سياسي".
وقال الأسد في مقابلة مع قناة (تي اف 1) الفرنسية في ختام زيارة لفرنسا استمرت يومين "عندما يكون قرار المحكمة مبنيا على دلائل قاطعة فان الجميع يقبله وليس فقط سوريا بل أيضا لبنان، ولكن إذا كان القرار مبنيا على شبهات أو تدخل سياسي فلا أحد سيأخذ القرار على محمل الجد".
وأكد الرئيس السوري أن "الحوار بيني وبين الرئيس نيكولا ساركوزي كان حول نقطتين هما كيف يمكن أن نساعد الحوار اللبناني للحد من التوترات، والنقطة الثانية هي الدور الذي يمكن أن تلعبه فرنسا عبر مجلس الأمن للحد من التدخلات في عمل المحكمة ومنع تسييسها".
باريس تعول على الدور السوري في لبنان
من الواضح أنّ باريس التجأت لدمشق، في ظل العلاقات "الطيبة" بين الجانبين، لتدعوها إلى تفعيل قنواتها في لبنان، تفاديا لانفجار الوضع فيه في حالة صدور قرار اتهامي بحق عناصر من حزب الله الذي يتهم المحكمة بانعدام الحياد، بل إنه هدد "بقطع اليد التي تمتد إلى أحد أعضائه لاعتقاله".
ويقول الدكتور محمد عجلاني المختص في العلاقات الدولية لـ(إيلاف) "أكيد أن سوريا حليف لحزب الله، وإضعاف هذا الأخير يعني إضعافًا لسوريا، وأي اتهام لحزب الله من طرف المحكمة الدولية لحزب الله هو طعن لسوريا على اعتبار أنّ هذا الاتهام  سيطال بشكل تلقائي أطرافا سورية".
ويؤكد عجلاني ما جاء في تصريحات بشار الأسد في باريس على أن ما يمكن أن تقوم به سوريا وحتى فرنسا والسعودية هو دور "تنسيقي" لا غير، لأن المشكل يعني بالدرجة الأولى الأطراف اللبنانية، التي وجب عليها الجلوس إلى طاولة مشتركة و الوصول إلى اتفاق استباقي قبيل صدور القرار الظني، تفاديا للفتنة".
وحول السيناريوهات المحتملة في حالة  صدور قرار اتهامي بحق نشطاء في حزب الله، يطرح الخبير في العلوم السياسية والعلاقات الدولية فكرة أساسية مفادها أن الوضع سينفتح على أمور كثيرة، وأهم شيء هو إحراج القضاء اللبناني الذي سيجد نفسه وجها لوجه مع قرار قضائي دولي لا يلقى إجماعا من كل الأطياف اللبنانية.
تقارب فرنسي سوري له مسبباته
وعن التحول العميق الذي حصل على مستوى العلاقات الفرنسية السورية، قال عجلاني إن نيكولا ساركوزي عُرف ببراغماتيته، عكس الرئيس السابق جاك شيراك، وأن دمشق تجاوبت إيجابا مع مطالب باريس تجاه لبنان خصوصا بعد أن أصبح لها سفارة في بيروت.
وذكر عجلاني بنقاط الاختلاف العالقة بين باريس ودمشق والمتمثلة في التقارب السوري الإيراني ودعم سوريا لحركة حماس والشأن الفلسطيني المتحكمة فيه علاقة إسرائيل بالفلسطينيين أنفسهم، لبنان وغيرها من القضايا التي تقتضي إشراك دمشق لإحراز تقدم بشأنها.
وفي هذا السياق، تردد داخل بعض الأوساط أن باريس تقوم منذ الصيف الماضي بمساعٍ لأجل إفساح المجال لإعطاء فرصة للحوار بين دمشق و تل أبيب، وبهذا الخصوص قال الرئيس السوري عن عملية السلام، الطرف المهم فيها أي إسرائيل "غير موجود".
وأوضح الدكتور محمد عجلاني أنه ليست العلاقات الاقتصادية لوحدها التي دعت باريس إلى العمل بمقاربة أخرى مخالفة عن سيد الإليزيه السابق جاك شيراك، فبالإضافة إلى كونها لاعبًا مهما في المنطقة، فإنّ سوريا بلد علماني قريب في توجهه من الغرب ،وهناك علاقات ثقافية بين البلدين، كما أشار إلى وجود جالية مسيحية مهمة.
وعبّر بنبرة تفاؤلية عن مستقبل الحريات وحقوق الإنسان في سوريا، لاسيما أنه موضوع انتقاد لهذا التقارب الفرنسي السوري من قبل منظمات حقوقية تعنى بالحريات، فسوريا ليست بالتأكيد في غاية الديمقراطية، إلا أنها تحاول ترتيب الأوضاع بما يسمح بانفراج مهم و تهيئة حوار حقيقي".

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire