مع إستمرار موجة الاحتجاجات التي تشهدها مملكة البحرين، وسط مطالبات بإجراء رزمة من الإصلاحات على عدة مستويات، بدأ يبرز على الساحة حديث متعلق بوجود الأسطول الخامس الأميركي في ميناء سلمان (شرق المنامة)، وما هي طبيعة مهامه، ومستقبله في وقت تدور فيه أحداث ساخنة داخل أراضي المملكة.
بدايةً، وقبل الخوض في تفاصيل بدأت تُلَوِّح من خلالها بعض وسائل الإعلام إلى أن المتظاهرين البحرينيين ربما يعتزمون توجيه عدائهم صوب العاملين في القاعدة البحرية التي تضم الأسطول، هناك بعض الحقائق المتعلقة بذلك الأسطول الذي قد يتصور البعض أن تواجده هناك قد ينطوي فحسب على طبيعة سياسية أو أمنية، لكن الحقيقة أنه يعود على المملكة أيضاً بمكاسب مالية واقتصادية.
فالأسطول يدفع أموالاً لقاء الخدمات التي يتحصل عليها في المرافئ واستئجار العقارات، كما أن وجوده يوفر حالة من الطمأنينة في منطقة الخليج، ويضمن مرور النفط بسلام عبر خليج هرمز، وتستفيد الشركات الأميركية الموجودة في البحرين من اتفاقية التجارة الحرة الموقعة بين المنامة وواشنطن، والتي تسمح لها بالوجود على مرمى حجر من السوق السعودية الضخمة، كما سبق وأن أوضح السفير الأميركي في البحرين، آدم إيرلي.
واستناداً إلى بعض التقارير، فإن السفن الأميركية تقصد البحرين من أجل الصيانة والتموين، ويقدِّم الأسطول 91 مليون دولار للاقتصاد المحلي من خلال تكاليف إشغال عقارات وصيانة، ويرتفع هذا الرقم إلى أكثر من 180 مليون دولار، إذا ما تم إضافة ما يدفعه أكثر من أربعة آلاف جندي أميركي من إيجارات سنوية في البلاد.
وتحدث إيرلي عن أهمية موقع البحرين بقوله :" المرافق والأسواق التي تُشكِّل نصف الاقتصاد السعودي تقع على مسافة ساعة واحدة من البحرين، لذلك تجد أن الكثير من الشركات الأميركية تعتبر البحرين المكان الأمثل للتمركز في المنطقة وإدارة المشاريع."
هذا وقد بدأت البحرية الأميركية نهاية أيار/ مايو الماضي العمل في مشروع لتوسيع القاعدة البحرية التي تضم مقر الأسطول الخامس الأميركي في ميناء سلمان ( شرق المنامة ) بكلفة تقدر بحوالي 580 مليون دولار تؤمنها البحرية الأميركية بالكامل. ويشمل مشروع التوسيع هذا أربع مراحل، ويقام على مساحة 70 فداناً على أن يستكمل في 2015. ومن المقرر أن ينتهي العمل في المرحلة الأولى في خريف عام 2012، فيما يُنتظر أن يتم استكمال المرحلة الثانية من المشروع في شتاء عام 2012 أيضاً، وستشتمل على ميناء للدوريات الساحلية وأخرى للزوارق.
إلى ذلك، أفادت اليوم صحيفة "نيفي تايمز" التي تصدر عن سلاح البحرية الأميركي، بأن الأسطول الخامس يراقب الآن بحذر تلك التظاهرات السلمية التي تشهدها البحرين. ونصحت القاعدة التي تستضيف الأسطول هناك كل من البحارة والمدنيين وأسرهم بأن يتجنبوا الذهاب إلى بعض المناطق، مثل ساحة اللؤلؤة في المنامة.
كما بدأت تسري بعض التحليلات في أوساط السياسيين والخبراء المتابعين للأحداث التي بدأت تشهدها مؤخراً منطقة الشرق الأوسط، تفيد بأن الإدارة الأميركية أضحت تخشى من أن تعمل الاحتجاجات التي تشهدها البحرين - التي تتمثل أهميتها في استضافتها لمقر الأسطول الخامس الأميركي، وليس في إنتاجها النفطي – على تقويض المصالح الأميركية في المنطقة التي تساهم بإنتاجية كبرى من النفط العالمي. وذهب البعض في هذا السياق إلى الفرضية التي تقول إن سقوط النظام في البحرين، قد يجلب حكومة جديدة مقربة من إيران تعمل على التخلص من الأسطول الأميركي.
ونقلت الصحيفة عن جينفر سترايد، الناطقة باسم الأسطول الخامس، قولها :" ليس لدينا أي معلومات هذه المرة تشير إلى أن الاحتجاجات المخطط لها من المحتمل أن تُسَبِّب اضطرابات كبرى. ونحن إذ نراقب هنا الموقف عن قرب". كما أكدت أن هناك 6100 موظف منتدب في القاعدة، وأن ثلثهم يعيش خارج القاعدة. وقالت :" ليس هناك من قيود بشأن القاعدة الآن، وليس هناك خططاً أيضاً للإجلاء. كما أن الاحتجاجات لا تحدث بالقرب من القاعدة، ولا يمكنني إضافة أي معلومات بشأن التدابير الأمنية التي اتخذتها القاعدة بالفعل أو ما زالت تفكر في اتخاذها".
كما أوردت صحيفة "ستارز آند ستربس" العسكرية الأميركية العريقة عن مسؤولين عسكريين قولهم إنه " لم يكن هناك أي علامة على أن الحشود المتظاهرة في البحرين الآن تعتزم توجيه مشاعرها العدائية صوب الموظفين العسكريين الأميركيين الذين يعيشون ويعملون في المملكة، ويُقدَّر عددهم بـ 4200 موظف تقريباً".
ومن خلال إعلان وزارة الخارجية الأميركية اليوم عن "قلقها العميق" إزاء أعمال العنف المرتبطة بالاحتجاجات التي تشهدها البحرين في هذه الأثناء، اعتبرت محطة "سي بي إس نيوز" التلفزيونية الأميركية أن ذلك يعد تأكيداً على الأهمية التي تحظى بها البحرين إستراتيجياً كشريك للولايات المتحدة. ونقلت عن أنطوني كوردسمان، وهو خبير متخصص في الشؤون الدفاعية بمنطقة الشرق الأوسط بمركز الدراسات الإستراتيجية والدولية، قوله إن البحرين لديها أجهزة أمنية يمكنها التعامل مع المتظاهرين. |
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire