القاهرة: تتوالى تداعيات الزلزال السياسي الذي شهدته تونس في دول عربية عدة حيث تزايدت التظاهرات التي ترفع شعارات اجتماعية وسياسية الا ان احتمال ان تتحول "ثورة الياسمين" الى كرة ثلج امر لا يزال غير مؤكد، بحسب الخبراء.
من سلطنة عمان الى السودان مرورا بمصر والاردن، اعطت الانتفاضة التونسية التي اطاحت بالرئيس زين العابدين بن علي دفعا وتشجيعا للعديد من المعارضين والنقابيين ولرجل الشارع كذلك.وتقول استاذة العلوم السياسية في الجامعة الاميركية في القاهرة رحاب المهدي ان الثورة الشعبية التونسية "ستكون لها انعكاسات على الذاكرة الجماعية للشعوب في المنطقة وستعطيهم ثقة في انفسهم". ولكنها لا تعتقد ان "يكون لها تأثير على المدى القصير او ان تنتقل عدواها بشكل مباشر" لان "نفس المسببات لا تأتي دائما بنفس النتائج". وتضيف ان "تونس كانت نموذجا قاسيا للدكتاتورية في حين انه في بلاد اخرى مثل المغرب او مصر نجحت الانظمة في ان تترك هوامش للمناورة". وتتابين بالفعل تأثيرات الانتفاضة التونسية في الدول العربية. ففي الاردن، سيتم تنظيم تظاهرة جديدة الجمعة بعد التجمعات المناهضة للحكومة التي شهدتها البلاد خلال الايام الاخيرة احتجاجا على البطالة والتضخم. وشارك حوالي 200 مواطن في تظاهرة ضد غلاء المعيشة في مسقط الاثنين وهي مسيرة متواضعة العدد ولكنها نادرة في دول الخليج العربية. وفي السودان، دعت المعارضة الى "نهاية" النظام الشمولي" الذي يقوده الرئيس عمر البشير على غرار ما حدث في تونس. اما في الجزائر ومصر وموريتانيا فقام عدة اشخاص باضرام النيران في انفسهم مستلهمين في ذلك ما فعله الشاب التونسي محمد بوعزيزي الذي ادت وفاته متأثرا بحروقه في منتصف كانون الاول/ديسمبر الماضي الى تفجير ثورة التونسيين. وفي اليمن، شجع النموذج التونسي الطلاب الذي نظموا تظاهرات احتجاجية وحفز كذلك الجنوبيين الذين يطالبون بالانفصال عن الشمال. ولم يشهد المغرب اي احتجاجات بعد الانتفاضية التونسية، ولكن الرباط مثلها مثل عواصم اخرى في المنطقة اعلنت مناقصات لشراء كميات كبيرة من الحبوب الغذائية لتجنب اي نقص فيها قد يؤثر على الاوضاع الاجتماعية. واثار الامين العام للجامعة العربية عمرو موسى الانتباه الاربعاء عندما قال امام القمة العربية الاقتصادية الثانية في شرم الشيخ ان "النفس العربية منكسرة بالفقر والبطالة" وان المواطن العربي دخل في حالة "غير مسبوقة من الغضب والاحباط". ويؤكد تقرير الامم المتحدة للعام 2010 حول "اهداف التنمية في الالفية الثانية" ان جذور التململ عميقة على الرغم من النمو الاقتصادي في العديد من الدول او الوفرة في دول الخليج النفطية. ويشير التقرير الى نسبة بطالة تصل في المتوسط إلى 12% في الدول العربية خلال الفترة ما بين 2005 و2008. ويوضح ان هذه النسبة ترتفع الى 30% بين الشباب. ويتحدث التقرير عن "مخاوف كبيرة" من اثار ارتفاع اسعار السلع الغذائية التي كانت واحدة من الشكاوى المتكررة في التظاهرات التي شهدتها الدول العربية اخيرا. ويرى الخبير في مركز الاهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية عمرو الشبكي ان "احتمالات اندلاع ثورة" في مصر اقل منها في تونس خلال حكم بن علي لان النظام المصري يسمح ببعض التظاهرات ويترك هامشا لوسائل الاعلام. ويعتقد مدير مرصد الدول العربية في باريس انطوان بصبوص ان تأثير الثورة التونسية في محيطها يتوقف كثيرا على التطورات السياسية التي ستشهدها تونس. ويضيف "اذا ما مرت الفترة الانتقالية في تونس بشكل جيد سيصبح هذا البلد نموذجا يحتذى، اما اذا عمت الفوضى فان الانظمة الاخرى في المنطقة ستستخدم ذلك للتدليل على ان التجربة التونسية فاشلة".
|
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire