بدأت تثار الكثير من التساؤلات حول حقيقة المساهمات التي تقدمها وكالة ناسا الأميركية لبحوث الفضاء لصناعة
السفر إلى الفضاء، بعدما زادت التكلفة المادية التي تتكبدها شركات رحلات الفضاء الخاصة.
في تأكيد على حجم المبالغ التي تنفقها الشركات، قياساً بما تنفقه الحكومة الأميركية نفسها على الرحلات الفضائية، قالت صحيفة شيكاغو تريبيون الأميركية إن التكلفة الإجمالية التي تكبدتها شركة "سبيس إكس" الأميركية المتخصصة في رحلات الفضاء الخاصة، لإطلاق نسخة آلية من كبسولتها الفضائية "دراجون" على متن الصاروخ "فالكون 9" مطلع هذا الشهر للدوران مرات قليلة حول الأرض، قد بلغت ما يقرب من 800 مليون دولار، بما في ذلك التصميم، والتصنيع، والاختبار، وعملية إطلاق الصاروخ والكبسولة.
ثم مضت الصحيفة تشير إلى أن قدرة شركة "سبيس إكس" على القيام بكثير من الأنشطة في ظل ما يتوافر لها من أموال محدودة بدأت تثير تساؤلات جادة بشأن طبيعة عمل وكالة ناسا.
وهنا، تابعت الصحيفة بقولها إن الوكالة التي كانت تمثل سحر التقنية الأميركية بدأت تفقد بريقها الآن. وبدأ يرتدي بعض الموظفين بداخل الوكالة قمصان مكتوب عليها "ماذا سيفعل إيلون ؟" – في إشارة إلى مؤسس شركة "سبيس إكس" ورئيسها التنفيذي، إيلون ماسك، قطب الإنترنت الذي استثمر ثروته الخاصة على مساعيه الرامية لتحقيق حلمه بإرسال البشر إلى الفضاء.
وهو ما جعل مسؤولو صناعة الفضاء ومقاولو وموظفو وكالة ناسا يطلقون تحذيراتهم من أنه إذا ما لم تتمكن الوكالة من أن تصبح أصغر حجماً وأكثر كفاءةً في وقت تشهد فيه الميزانيات الفيدرالية حالة من التقلص، فإنها قد تجد نفسها على هامش التاريخ.
ونقلت الصحيفة في هذا السياق عن جيم ماسير، رئيس شركة برات آند ويتني روكيتداين "Pratt & Whitney Rocketdyne"، التي قامت بتصميم جميع محركات الصواريخ تقريباً التي استخدمتها وكالة ناسا منذ فجر برنامج الفضاء، قوله: "هناك حاجة لأن يتم إبرام صفقة شراكة بين وكالة ناسا وصناعة الفضاء، لكي نُغيِّر طريقتنا".
وأوضحت الصحيفة أن الوكالة أنفقت على مدار السنوات الستة الماضية ما يقرب من 10 مليار دولار على الصاروخ "أريس 1" و كبسولة الفضاء "أوريون"، وهي النسخة الخاصة بالوكالة لما سبق وأن أطلقتها شركة "سبيس إكس" بداية هذا الشهر. وقد بدأت تعاني الوكالة الآن من زيادة التكاليف جنباً إلى جنب مع المشاكل التقنية.
وفي تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، ألغى الكونغرس برنامجاً يطلق عليه "Constellation moon"، وأمر الوكالة بأن تبدأ في تصميم صاروخ وكبسولة قادرين على نقل البشر إلى الفضاء، من أجل استكشاف النظام الشمسي. وهنا، عاود ماسير ليقول إن ناسا ستعيد التجربة الخاصة ببرنامج "كونستليشن"، ما لم تجري إصلاحات.
وأضاف أن ناسا رفضت حتى وقت قريب مقترحاته الخاصة بتقديم كفاءات جديدة يكون من شأنها تخفيض تكاليف شركة برات آند ويتني روكيتداين بالنسبة إليها. وقال ماسير وآخرون إن جزءً من سبب الرفض يتمثل في أن كثير من مسؤولي الوكالة لا يعرفون طريقة أخرى. كما أبدا المسؤولون قلقهم من أن التغيير قد يجلب معه المزيد من المخاطر بالنسبة لصناعة الرحلات الفضائية التي تحدق بها الأخطار بالفعل.
لكن الصحيفة قالت إن هناك إشارات تُبَيِّن أن وكالة ناسا تدرك أنها مطالبة بفعل الأشياء بصورة مختلفة. وربما كان الاختبار الأكبر هو مركبة الفضاء "أوريون"، التي تكلفت حتى الآن مبلغاً قدره 4.8 مليار دولار، ومن غير المحتمل أن تستمر في الخدمة لثلاثة أعوام أخرى على الأقل – وبتكلفة إضافية قدرها 1.2 مليار دولار.
ومن جانبه، قال مارك غيير، المدير المسؤول عن برنامج أوريون التابع لوكالة ناسا، إن الوكالة بدأت تخفف من قراراتها، وتُقَلِّص من مستويات الإشراف، وتبحث عن طرق أخرى لخفض التكاليف.
ولفتت الصحيفة في هذا السياق إلى أنه وبدلاً من التطلع إلى تصميم كبسولة محملة بالكامل وتكون قادرة على السفر إلى القمر، فإن ناسا ستقوم بتطويرها على مراحل بما يتماشى مع الميزانية. وبموجب الخطة الأخيرة، ستقوم ناسا رفقة شركة لوكهيد بإنتاج مركبة اختبار آلية بحلول عام 2013، على أن يقوما بعد ذلك بتطوير كبسولة مأهولة في العام 2017. وبحلول عام 2018، ستكون مركبة الفضاء "أوريون" جاهزة للذهاب إلى محطة الفضاء الدولية، وبحلول 2020، ستكون قادرة على الذهاب إلى نقاط أبعد من القمر لمدد طويلة.
لكن غيير شدد على أن التغيير الحقيقي تمثل في سعى الوكالة لتقليص الدور الإشرافي لشركة لوكهيد من أجل التركيز في واقع الأمر على المواد الأكثر خطورة وليس جميع الأشياء التي تعرف لوكهيد طريقة تصنيعها. وأشار غيير إلى أن نجاح ناسا في تلك المهمة مكَّنها من خفض الميزانية العامة لـ "أوريون" بنسبة 70 %، وسمح لشركة لوكهيد بخفض بعضاً من تكاليفها بنسبة تقترب من 47%. وقال إن ما تم ادخاره من أموال قد تم استثماره في تصنيع إلكترونيات للمركبة أوريون.
وختمت شيكاغو تريبيون حديثها بالقول إن التساؤل الذي يطرح نفسه الآن هو ما إن كان ذلك كافياً لتمكين وكالة ناسا من خوض معترك المنافسة مع شركة "سبيس إكس" وغيرها من الشركات التجارية، فيما يتعلق بمستقبل الرحلات الفضائية الخارجية |
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire