لندن ـ 'القدس العربي': تتحرك الشركات الماليزية لمساعدة الصين في توسيع مجال انتاج المواد الغذائية الموسومة بعلامة حلال، حيث ستستخدم الصين خبرات ماليزيا، التي اثبتت خبرة ومصداقية عالمية في مجال سوق 'الحلال'، التي تصل قيمتها السنوية الى 2.1 تريليون دولار امريكي.
وأصبحت سوق الحلال تشكل هدفا أساسيا للعديد من الشركات الكبرى في العالم، حيث توسعت بشكل كبير خلال العقد الماضي، بحسب تقرير نشرته مجلة 'تايم' الأمريكية في وقت سابق من هذا العام.
وأوضح التقرير أن هذا التوسع دفع شركات متعددة الجنسيات غير مسلمة أمثال 'تيسكو' و'ماكدونالدز' و'نستله' إلى التوسع في العروض 'الصديقة للإسلام' الخاصة ببيع المنتجات الحلال، وأصبحت هذه الشركات تسيطر الآن على ما يقدر بـ 90' من سوق الحلال العالمية، بحسب 'تايم'.
ووفقا للمصدر نفسه، فإن دولا غير مسلمة مثل نيوزيلندا تعد الآن أكبر مصدر في العالم للأبقار المذبوحة على الطريقة الحلال، في حين باتت البرازيل المصدر الأول للدجاج المذبوح على نفس الطريقة لبلدان إسلامية.
ودفعت هذه الزيادة في أرباح وحجم سوق الغذاء الحلال المستثمرين إلى إدخال فكرة 'الحلال' إلى قطاعات أخرى غير الطعام، ومنها الفنادق والتأمين والأدوية، وحتى مستحضرات التجميل والملابس؛ فشركات الأدوية مثل 'برينسبل هيلث كير' البريطانية، و'دوتشيسني' الكندية تبيع الآن الفيتامينات الخالية من مدخلات حيوانية تحرمها الشريعة الإسلامية، وتنتج شركات أخرى مستحضرات تجميل حلال خالية من دهون الحيوانات، ويتعاون علماء من كوبا مع نظراء ماليزيين في إنتاج لقاح حلال ضد التهاب السحايا.
وفي الوقت الذي تقوم فيه الصين ومنذ عقود بانتاج مواد غذائية موجهة للاسواق الاسلامية والعربية الا انها لا زالت تعاني من مشكلة المصداقية، ولا تستطيع المنافسة امام بضائع اخرى مماثلة ومنتجة في اسواق اسلامية اخرى.
وتعتبر ماليزيا لاعبا مهما في مجال انتاج وتعليب المواد الغذائية الحلال. وتعرف بتطبيق معايير مشددة على سلامة المواد الغذائية ومطابقتها لشروط الصحة.
لكن مشكلة ماليزيا ان سوقها الانتاجية ومجالها محدود لعدد من الاسباب، منها عدم توفر المساحات الواسعة للانتاج وعدم تعدد المواد المنتجة المطلوبة في الاسواق العالمية، فهي مثلا لا تستطيع الاستثمار في سوق المواشي، اسوة بما يمكن ان تقوم به استراليا وماليزيا. وبالمقابل فلدى الصين مساحات واسعة لتربية المواشي، ولكن معاييرها المتبعة في انتاج الحلال ليست بمستوى المعايير الماليزية، وعليه تقوم شركات ماليزية عملاقة في صناعة المواد الغذائية مثل شركة ماسترماليزيا غلوبال، بمساعدة الشركات الصينية للتعلم من خبراتها وتطبيق المعايير المشددة في مجال تعليب وانتاج المواد التي تطابق الشريعة الاسلامية.
فبالاضافة لفرصة توسيع الصين سوق منتجات الحلال للاستجابة للطلب العالمي فان لديها سوقا استهلاكية محلية، خاصة ان عدد سكان الصين المسلمين وان شكلوا نسبة قليلة من الحجم السكاني الا انهم قطاع يبحث عن مواد حلال، وحسب اقل التقديرات فعدد المسلمين في الصين يتراوح ما بين 20 - 30 مليون نسمة.
وتأمل الشركات الماليزية بتوسيع مجال ارباحها بالتعاون مع الشركات الصينية العملاقة. وعليه تقوم شركات ماليزية مثل ماستر ماليزيا بالتفاوض مع شركات في اقليم هينان الصيني من اجل دراسة امكانية انتاج لحوم معلبة ـ بقر ودجاج وغنم- تناسب السوق الماليزية ومعايير الانتاج.
ويهدف التعاون بين الماليزيين والصينيين لحصول الشركات في الصين على شهادة حلال او تصديق يجعل من المنتجات مقبولة للتوزيع والاستهلاك في السوق الصينية اولا وتدريجيا توزيع المنتج الصيني في ماليزيا وتصديره للخارج.
وفي هذا المجال قام مسؤولون من وزارة التنمية الاسلامية في كوالمبور بزيارة الصين للتدقيق في طبيعة اللحم المعلب او المجمد ومنحه شهادة حلال قبل ان يتم تصديره للسوق الماليزية.
ونقلت 'نيويورك تايمز' عن مساعد لوزير التنمية الاسلامية قوله ان الوزارة تمنح عادة شهادة حلال للمواد التي ستصدر الى ماليزيا، لكنها لم تستبعد في المستقبل ان يتم منح الشهادة للمواد الغذائية المصدرة للدول الاسلامية والعربية.
واهمية ماليزيا في مجال السوق الحلال انها من الدول الرائدة في مجال رقابة وتقنين وسائل الانتاج وتوزيع المواد الحلال.
وتعود الجهود هذه الى ستينات القرن الماضي. وبحسب مسؤول في تحالف النزاهة من اجل الطعام الحلال، وهو منظمة غير حكومية في العاصمة الماليزية، ان ماليزيا تعتبر رائدة في مجال منح شهادات الحلال للمواد الغذائية.
وفي الوقت الذي تقوم الحكومة المركزية في ماليزيا باصدار تشريعات حول تنظيم السوق الحلال فان الامر مختلف في الصين، حيث يظل الامر مرتبطا بجهود السلطات المحلية في كل اقليم، مما يعني ان المعايير قد تختلف من منطقة لاخرى. فحسب مسؤولين في الشركات الماليزية فاصحاب الشركات الصينية كانوا يعتقدون ان الطعام الحلال هو ما يتعلق بطريقة الذبح، لكن الامر ليس كذلك فهو كما يقول الماليزيون متعلق بظروف حياة الحيوانات وما تأكل وكيف تعامل.
وفي النهاية تعتبر الصين في مصادرها الطبيعية ومساحاتها الواسعة وقدراتها الانتاجية وتوفر اليد العاملة الرخيصة مصدر جذب للشركات الماليزية من اصحاب الخبرة في هذا المجال. وفي الوقت نفسه تقوم ماليزيا بتوسيع حجم قدراتها الانتاجية المحلية من خلال انشاء 'حدائق الحلال'، وهي مناطق واسعة لتشجيع المستثمرين المحليين والاجانب انشاء مصانع انتاجية مع حوافز منها شروط ضريبية محبذة.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire