القاهرة: أُقيل الدكتور عصام شرف، المكلّف حاليًا بتشكيل الحكومة الثانية بعد ثورة 25 يناير بعد أقل من عامين على توليه المسوؤلية، عقاباً له على محاولته كشف الفساد الذي أحاط بغرق 1300 مصري في سفينة نقل ركاب كانت مملوكة لرجل الأعمال ممدوح إسماعيل النائب بالتعيين في مجلس الشورى والصديق المقرب من الدكتور زكريا عزمي رئيس ديوان رئيس الجمهورية السابق.
التزم شرف الصمت كما كانت هي عادة غالبية المسؤولين ممن تعرضوا للظلم، مثل الدكتور كمال الجنزوري رئيس الوزراء السابق، والدكتور محي الدين الغريب وزير المالية السابق، والمهندس حسب الله الكفراوي وزير الإسكان السابق، لكنه كان يشعر بغصة شديدة، أعرب عنها في برنامج "كنت وزيراً"، الذي أذيع في شهر رمضان قبل الماضي، حيث قال إن أحداً من كبار مسؤولي الدولة لم يوجّه له كلمة شكر، بعد الخروج من الوزارة، وخصّ بالذكر الرئيس السابق حسني مبارك ورئيس وزرائه أحمد نظيف، مشيراً خلال حلقة من البرنامج الذي كان يقدمه الإعلامي جمال الكشكي إلى أنه كان يستحق الشكر، لاسيما أنه لم يرتكب أي جرم.
بدا شرف في تلك الحقلة متأثراً وحزيناً جداً، إلى درجة أن الدموع ترقرقت في مآقيه، و لولا رباطة جأشه لغلبته. إنطلاقاً من إحساسه بالظلم والقهر الذي يعانيه المصريون لأكثر من 30 عاماً، جاءت مشاركته في ثورة الغضب التي إنطلقت من ميدان التحرير في 25 يناير، وكان الوزير السابق الوحيد الذي شارك في الثورة.
وانطلاقًا من صفة الوفاء التي يتمتع بها المصريون، جاء ترشيح شباب الثورة له لتولّى منصب رئيس الوزراء في الفترة الإنتقالية.
وقال أيمن محمود عضو "ائتلاف الثورة" إن المجلس العسكري طلب من عدد من الرموز السياسية ترشيح من يرونه الأصلح والأكثر قبولاً لرئاسة الحكومة، وقدم كل منهم ترشيحاته.
وأضاف محمود لـ"إيلاف" أن الدكتور محمد البرادعي كان من بين الرموز التي أستطلع المجلس العسكري رأيها، مشيراً إلى أنه طلب بدوره مشورة الشباب، الذين رشّحوا الدكتور عصام شرف للمنصب.
وأوضح محمود أن ترشيح شرف لم يأت نتيجة لمشاركته في الثورة فقط، ولكن لأنه شخصية تتمتع بإحترام وثقة المصريين، وعمل خلال وجوده في الوزارة على إصلاح أحوال وسائل النقل وإصلاح أحوال العاملين فيها، ولم ترتفع في عهده تعريفة الركوب سواء القطارات أو المترو أو أتوبيسات هيئة النقل العام، فضلاً عن أنه واحد من الخبراء الإقتصاديين المشهود لهم في العالم العربي، إضافة إلى أنه اسم على مسمى، فهو إنسان عصامي وشريف، لم تلوث يده بالفساد أو التربح من منصبه.
وكشف محمود أن شباب الثورة وجّهوا دعوة إلى رئيس الحكومة الجديد للمشاركة في تظاهرة اليوم الجمعة في ميدان التحرير، التي كانت مقررة للمطالبة برحيل حكومة الفريق أحمد شفيق، ولكن الهدف منه تحول لتكون "جمعة إحتفالية" باستمرار الثورة وتأكيدها على إصرارها على تحقيق مطالبها كاملة، والتأكيد على شعارها "الشعب والجيش إيد واحدة". وأكد محمود أن شرف قبل الدعوة.
من جانبه، أعلن الدكتور عصام شرف مشاركته في التظاهرة اليوم، وقال عبر صفحته على الموقع الإجتماعي فايسبوك إنه التقى مجموعة من شباب الثورة، وإنه سوف يشارك الجمعة في المظاهرات في ميدان التحرير، استجابة منه إلى صوت الشعب، وتأكيدًا على أنه مع الثورة.
وأضاف أن الشباب طالبوه بضرورة العمل على تحقيق مطالب الثورة، وفتح قنوات للحوار مع منظمات المجتمع المدنى ومنظمات حقوق الإنسان، وتفعيل مبادرات الإصلاح السياسى، وتوفير ضمانات للانتخابات المقبلة، وتنظيم لقاءات مع نقابات واتحادات العمال، من أجل تحقيق مطالب الشعب المصري.
وتوقع هشام سعيد أحد الشباب الداعين إلى تظاهرة اليوم في ميدان التحرير، أن يقوم الدكتور عصام شرف بأداء القسم في الميدان، وأن يستطلع رأي الشعب في المرشحين للحقائب الوزارية، إعترافاً منه بالشرعية الثورية، وقال سعيد لـ"إيلاف" إن لمشاركة شرف في تظاهرة اليوم دلالة كبيرة على أنه جزء من الشعب، وأنه يعترف بالثورة التي كان واحداً من صانعيها، ولها أيضاً دلالة رمزية، حيث لم يفعلها أي وزير أو مسؤول حكومي قبله، رغم أنهم جميعاً كانوا يزعمون أنهم مع الثورة، ولكنهم في الحقيقة كانوا ضدها، ويعملون على إجهاضها.
على صعيد التشكيل الوزاري، قال مصدر مطلع في مجلس الوزراء لـ"إيلاف" إن الدكتور عصام شرف بدأ بالفعل مشاوراته من أجل إختيار أعضاء حكومته، وأضاف أنه تقريباً استقر على استمرار عدد من الوزراء في مواقعهم، وهم: الدكتور يحيى الجمل نائباً لرئيس الوزراء ورئيساً للمجلس الأعلى للصحافة، والدكتور سمير رضوان وزير المالية، والدكتور جودة عبد الخالق وزير التضامن الإجتماعي، والدكتور عمرو سلامة وزير البحث العلمي، والدكتور أحمد جمال وزير التعليم، ومنير فخري عبد النور وزير السياحة.
وأشار المصدر إلى ترشيح السفير نبيل فهمي السفير المصري السابق في واشنطن لوزارة الخارجية، وهو نجل وزير الخارجية السابق إسماعيل فهمي الذي قدم استقالته، إحتجاجاً على زيارة الرئيس السادات للقدس، وهو يتمتع بعلاقات واسعة وقوية مع دوائر صنع القرار في أميركا، وعاد اسم اللواء عادل لبيب محافظ الإسكندرية السابق يتردد من جديد ليحمل حقيبة وزير الداخلية، كما رشحت بعض الدوائر اللواء فؤاد علام المدير السابق لجهاز أمن الدولة لحمل الحقيبة نفسها.
وتوقع المصدر استحداث وزارة لشؤون نهر النيل، لاسيما في ظل تصاعد أزمة تقسيم مياه النهر مع دول المنبع. ولفت المصدر إلى أن الدكتور عماد أبوغازي الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة من الأسماء المرشحة بقوة لتولي منصب وزير الثقافة، وهو نجل الدكتور بدر الدين أبوغازي وزير الثقافة السابق. |
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire