تحاول الولايات المتحدة أن تحدد الآلية التي يمكن من خلالها التعامل مع المتظاهرين في ليبيا، وكذلك تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت الذي تفتقد فيه أميركا المعلومات الكافية عن الثوار وقادة الثورة.
لم تصل الجهود التي تبذلها الولايات المتحدة لمعرفة القادة الذين يتزعمون الثورة الشعبية التي تشهدها ليبيا، وكذلك أهدافهم على المدى البعيد، إلى إجابات واضحة.
تأتي تلك المحاولات في الوقت الذي تسعى فيه واشنطن إلى تحديد طريقة يمكنها أن تُقدِّم من خلالها الإغاثة الإنسانية، وما إن كان عليها أن تساعد خصوم القذافي أم لا.
وكانت إدارة الرئيس الأميركي، باراك أوباما، قد طلبت من الدكتاتور الليبي، معمّر القذافي، أن يتنحّى، وتعهدت أن تقدِّم المساعدة للمتمردين الذين يسعون إلى الإطاحة به. لكن الولايات المتحدة تريد أن تستوضح عن الجهة التي تقود الثورة الليبية. في هذا السياق، أشارت اليوم صحيفة "لوس أنغلوس تايمز" الأميركية إلى أن دبلوماسيين أميركيين بدأوا هذا الأسبوع جهوداً مكثفة للتواصل مع المتظاهرين، في محاولة لمعرفة قادتهم وما يسعون إلى تحقيقه من أهداف على المدى الزمني البعيد.
لكن المسؤولين أوضحوا أنه بعد مرور ثلاثة أيام من الاتصالات بليبيا من جانب شخصيات دبلوماسية، من بينها السفير الأميركي، غين كريتز، العائد أخيراً إلى واشنطن، لم تظهر إجابات واضحة على هذين التساؤلين.
وأوردت الصحيفة هنا عن دبلوماسي بارز رفض الكشف عن هويته، قوله "هناك كثير من وجهات النظر المتباينة. وكثير من الشخصيات التي تبدو أن لها الكلمة العليا في ليبيا تعتبر شخصيات غامضة في واقع الأمر. ولا يعرفون حقيقةً حتى الآن ماذا يريدون أن يفعلوا".
وأضاف هذا المسؤول قائلاً "إن محاولة تحديد الشخص الذي سيكون مسؤولاً في نهاية المطاف، مثل محاولة تحديد الشخص الذي سيكون مرشحاً عن الحزب الجمهوري في انتخابات الرئاسة الأميركية عام 2012". في غضون ذلك، أفادت الصحيفة بأن المسؤولين الأميركيين يحاولون تحديد الطريقة التي يمكنهم من خلالها تقديم المساعدات الإنسانية إلى آلاف الأشخاص الفارين من ليبيا، ويتدارسون أيضاً في ما بينهم حول ما إن كان يتعين عليهم إتاحة المساعدة العسكرية ضد قوات القذافي أم لا.
وقال دبلوماسيون مخضرمون إن تلك الورطة شبيهة بتلك التي سبق أن واجهها الرئيس الأميركي السابق، جورج بوش، بعد الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق عام 2003. فبعدما تمت الإطاحة بصدام حسين، صارعت أميركا مع مطالب متنافسة من عشرات المغتربين العراقيين وغيرهم ممن سعوا إلى قيادة البلاد.
وأشار منتقدون إلى أن إدارة بوش منحت كثيراً من المصداقية لأصحاب المطالبات الذين يحظون بقدر ضئيل من الدعم بين العراقيين. وعلى عكس ما حدث في العراق، قال مسؤولون أميركيون إنهم لا يودون تثبيت قادة جدد في ليبيا، وإنما يريدون معرفة من بمقدورهم أن يتحدثوا نيابةً عن ليبيا في وقت أضحى فيه الدعم الدولي قضية مُلحِّة.
ومضت الصحيفة الأميركية تقول إن من بين الشخصيات التي برزت على المشهد السياسي الليبي خلال تلك الانتفاضة وزير العدل الليبي السابق، مصطفى عبد الجليل، الذي كان يهاجم القذافي حتى قبل اندلاع التظاهرات، ويحظى بامتداح كثير من الأميركيين والليبيين الذين يعرفونه بسبب قناعته الراسخة بسيادة القانون. لكن مسؤولين أميركيين قالوا في هذا الشأن إنه مازال من غير الواضح عمن يتحدث عبد الجليل.
كما ظهر زعماء آخرون، من بينهم شخصيات دبلوماسية، مثل السفير الليبي السابق لدى الولايات المتحدة، علي سليمان الأوجلي، أو نائب السفير الليبي لدى الأمم المتحدة، إبراهيم الدباشي. وبرز على الساحة أيضاً وزير الداخلية السابق اللواء عبد الفتاح يونس، الذي استقال من منصبه في الثاني والعشرين من شهر شباط / فبراير الماضي، ودعا الجيش إلى الانضمام إلى تلك الثورة. لكن من الواضح أن من عَمِل مع القذافي لن يحظى بالقبول، مقارنةً بمن ساندوا التظاهرات التي تطالب بتنحيه.
ونقلت الصحيفة في الختام عن عمر خطالي، وهو أميركي من أصل ليبي يعمل مع مجموعة ليبيا العاملة الداعمة للديمقراطية، قوله "نريد بداية جديدة في ليبيا، من خلال أوجه جديدة". ولم يستبعد بعض الخبراء الإقليميين احتمالية ظهور رجل عسكري مخضرم، مثلما سبق أن فعل القذافي عندما تولّى السلطة وهو ضابط عمره 27 سنة.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire