إنتهت لجنة التحقيق وتقصي الحقائق حول أحداث العنف التي شهدتها الثورة في مصر من الإستماع إلى شهادات نحو 120 شاهدًا في محافظتي القاهرة و الجيزة.
وأفاد تقرير أصدرته أن شهود العيان أقرّوا بأن الشرطة أطلقت الأعيرة النارية والمطاطية والقنابل المسيلة للدموع على المتظاهرين، وخاصة يوم 28/1/2011، حيث تمركز بعض القناصة على أسطح مجمع التحرير وفندق رمسيس هيلتون ومبنى الجامعة الأميركية وديوان وزارة الداخلية، القريب من ميدان التحرير، وأطلقوا النار على المتظاهرين.
وحول أحداث ما يعرف بـ"موقعة الجمل"، استمعت اللجنة إلى أقوال بعض الشهود الذين كانوا موجودين في ميدان التحرير يوم الأربعاء 2 شباط- فبراير الماضي، وأفادوا أن حشود من مؤيدي النظام السابق توافدوا إلى الميدان من كل صوب، ورشقوا المتظاهرين بقطع الطوب وكسر الرخام، التي جلبوها بسيارات نقل من منطقة "شق التعبان"، في حين أقبل نفر آخر من ناحية ميدان الشهيد عبد المنعم رياض يمتطون الجمال والخيول، يحملون عصى غليظة وقطع حديد وأسلحة بيضاء، انهالوا بها ضرباً على المتظاهرين، فأصابوا وقتلوا وأحدثوا الرعب بينهم، مشيرين إلى أنهم تمكنوا من احتجاز بعضهم وتسليمهم للقوات المسلحة لاتخاذ الإجراءات القانونية حيالهم.
ووفقاً للتقرير، فإن اللجنة سألت عددًا من أطباء مستشفى القصر العيني التعليمي، فشهدوا أنهم شاركوا في علاج المصابين في موقع الأحداث وفي المستشفى، وقدم أحدهم صورًا فوتوغرافية عدة لمصابين وقتلى بأعيرة نارية ومطاطية، تفيد أن إصاباتهم جاءت في الرأس والرقبة والجزء العلوي من الجسم. كما قال طبيب اخر انه شاهد إحدى سيارات إسعاف القصر العيني الجديد "الفرنساوي" في ميدان التحرير محملة بالبلطجية.
وقال بعض الشهود انه حال وقوفهم في مساء 28/1/2011 على كوبري 6 أكتوبر من ناحية ميدان التحرير شاهدوا سيارة، أخفى ركابها لوحاتها المعدنية، على الكوبري إلى جوار الطريق وفيها عدد من البلطجية يحملون قطعًا من حديد وأسلحة بيضاء، ومعهم "جراكن" محملة بالبنزين، فتوجهوا نحوهم يستطلعون الأمر خشية قيامهم بإشعال النار في السيارات التي كانت تقف حينئذ في المكان نفسه، وعلموا منهم أنهم هم الذين أحرقوا مبنى مقر الحزب الوطني الذي كانت تلتهمه النار في ذلك الوقت، وعندئذ نزع أحدهم الغطاء الذي كان يستر لوحة السيارة وقام بتصويرها. وأضافوا أنهم شاهدوا- في ذلك الوقت- سيارة مدرعة فيها ضباط أمن مركزي وأربعة من رجال الشرطة يطلقون الأعيرة النارية تجاه المتظاهرين أمام فندق رمسيس هيلتون.
ووفقاً لأشرطة الفيديو التي قدمها شهود عيان، فإن سيارتين مصفحتين للشرطة صدمتا عمداً المتظاهرين، وهو الأمر نفسه الذي كررته سيارة ثالثة، تحمل لوحات معدنية رقم 20 هيئة دبلوماسية - قيل إنها خاصة بحراسة السفارة الأميركية.
وأكد التقرير أن إطلاق النار على المتظاهرين تم بأمر مباشر من وزير الداخلية، حسبما أفاد اثنين من كبار رجال الشرطة السابقين، اللذين أكدا أن إطلاق الأعيرة النارية على المتظاهرين لا يكون إلا بأمر من وزير الداخلية. ونوه التقرير الى أن اللجنة تلقت من وزارة الداخلية تقريراً مفصلاً عن الأحداث في الفترة من 25 يناير وحتى 11 فبراير، متضمنًا التعليمات الدائمة والخطة الأمنية المقررة لمختلف القطاعات المعنية بالوزارة لمواجهة المظاهرات، وذكر المختص بإصدار الأمر للقوات بإطلاق القنابل المسيلة للدموع والأعيرة المطاطية والنارية وإنسحاب الشرطة يوم 28/1/2011. وتم إرسال نسخة منه إلى النيابة العامة.
وأشار التقرير إلى أن بعض أعضاء أمانة اللجنة زاروا مستشفى القصر العيني التعليمي، وسجلوا الشهادات من الأطباء والمرضى الذين ما زالوا تحت العلاج، حول الأحداث، وأفاد أطباء قسم الطوارئ إلى انه بدءاً من الساعة 3:30 عصراً يوم الجمعة 28/1/2011 استقبل المستشفى أعدادًا كبيرة من المصابين بإصابات متعددة، وانه قبل الغروب بقليل بدأت تتوافد حالات الاختناق بالغاز والحالات المصابة بالرصاص الحي والخرطوش المتشظي. وبعد الساعة الثامنة مساء استقبل المستشفى خلال ساعة واحدة مائة مصاب بانفجار في العيون ونزيف في الصدر وتهتك في الرئة، كما بلغ عدد المصابين في المستشفى خلال عشر ساعات بعد ذلك حوالي 200 مصاب.
وأكد الأطباء أن كل حالات الوفاة التي بلغت 32 حالة كانت نتيجة طلق ناري، وأن الضحايا من المصابين والوفيات قد تركزت أيام 28 و29 كانون الثاني- يناير و2 و3 شباط- فبراير2011. فيما ذكر شهود عيان من المصابين في المستشفى أن تشكيلات كاملة من الأمن المركزي أمعنت في ضرب المتظاهرين في ميدان التحرير، فضلاً عن إطلاق الرصاص عليهم من قبل قناصة بملابسهم الرسمية فوق مبنى الجامعة الأميركية وبعض المباني المحيطة.
كما ظهر فوق كوبري الجلاء تمركز بعض القوات التي عمدت إلى تفريق المتظاهرين بالقنابل المسيلة للدموع، والدهس بالسيارات، والضرب بالرصاص الحي بقصد القتل الذي يصل حد الإبادة، وأكد أحدهم أن الشرطة قتلت شاباً بـ 14 رصاصة حية دفعة واحدة، بعد تفاديه محاولة دهسه بإحدى السيارات، وتعمد أحد القناصة قتل متظاهراً برصاصة في الرأس، مما أدى إلى تهشمها تماماً، رغم أنه كان يحمل لافتة عليها "سلمية"، كما تمت محاوله استدراج المتظاهرين إلى الشوارع الجانبية لقتلهم.
من جانبه، قال المستشار عادل قورة رئيس اللجنة إن اللجنة تستكمل عملها إلى حين توثيق كل الإنتهاكات وجمع الأدلة وتقديمها للنيابة العامة أولاً بأول، وأضاف لـ "إيلاف" أن اللجنة تعتمد في عملها على الأساليب العلمية، وسوف تعمل على كشف كل الحقائق بشأن قتل وإصابة المتظاهرين أثناء الثورة. وشدد على أنه لن يفلت أحد من العقاب، ودعا قورة المواطنين إلى التعاون مع اللجنة وتقديم شهاداتهم حول الأحداث، مشيراً إلى أن اللجنة خصصت أرقام تليفون وفاكس وإيميل وموقع إلكتروني وصفحات على فايسبوك وتوتير للتفاعل مع المصابين وشهود العيان.
أما وائل مرسي عضو إئتلاف ثورة 25 يناير، فقال إن الجهد الذي تبذله اللجنة جيد، وأكد لـ"إيلاف"أن اللجنة مطالبة بالإسراع في توثيق الإنتهاكات، حتى لا يتم طمس الأدلة أو التخلص منها أو هروب بعض الجناة من كبار ضباط وزارة الداخلية أو كبار مسؤولي الحزب الوطني.
وأضاف إن الإنتهاكات كافة حسبما أفاد تقرير اللجنة ارتكبها رجال أمن تابعون لوزارة الداخلية أو بلطجية أو أعضاء في الحزب الوطني، وهو ما سبق أن قاله المتظاهرون، لكن أحد لم يستمع إليهم، لافتاً إلى أن اللجنة علمت من خلال شهود عيان أن من أحرق المقر الرئيس للحزب الوطني هم البلطجية التابعون له، مما يؤكد أن الإحراق عملية متعمدة من أجل طمس الأدلة التي تؤكد تورط مسؤوليه في الفساد. وشدد مرسي على ضرورة معاقبة كل من يثبت تورطه في إرتكاب جرائم فساد أو إنتهاكات ضد المتظاهرين. |
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire