يعد انضمام قطر إلى الدوريات الجوية التي يقودها الغرب فوق ليبيا واعترافها بالمجلس الوطني الانتقالي للمعارضة كممثل شرعي للشعب الليبي مقامرة في وقت تسعى فيه إلى كسب تأييد شعبي عربي وتعزيز نفوذها الدبلوماسي.
ويوم الجمعة الماضي كانت قطر الغنية بالطاقة أول دولة عربية تسهم بطائرات للمشاركة في تطبيق الحظر الجوي الذي تسانده الامم المتحدة فوق ليبيا وهي خطوة ساعدت الولايات المتحدة في المجادلة بأن الغارات الجوية التي يقودها الغرب تحظى بدعم عربي.
ويوم الاثنين أصبحت أول دولة تعترف بالمجلس الوطني الانتقالي للمعارضة وذلك بعد يوم من تصريح مسؤول كبير من المعارضة المسلحة بأن قطر وافقت على تسويق النفط الخام الذي تنتجه حقول شرق ليبيا التي لم تعد تحت سيطرة الزعيم الليبي معمر القذافي.
وتعكس الخطوات علو طموحات قطر في زيادة ثقلها على الساحة العالمية والتي تجلت على سبيل المثال حين فازت في ديسمبر كانون الاول الماضي بتنظيم نهائيات كأس العالم لكرة القدم عام 2022 .
وقال شادي حامد مدير الابحاث بمركز بروكينجز بالدوحة "قطر مهتمة بكيفية استقبال المواطنين العرب لهذا ومع ليبيا اتخذت موقفا كواحدة من الدول العربية القليلة المنحازة للشعور الشعبي العربي."
وأضاف أن قطر "تلعب دور القيادة بشكل متزايد في المنطقة وبالتالي فمن المنطقي أن تضطلع بدور قيادي فيما يتعلق بليبيا ايضا."
وعلى الرغم من أن قطر دولة خليجية صغيرة فقد أصبحت محكما دبلوماسيا رفيع المستوى ووسيطا للسلام في الاعوام القليلة الماضية واستقطبت اهتماما دوليا بمحاولاتها للوساطة في صراعات اقليمية متعددة.
ورعت قطر محادثات السلام بين الحكومة السودانية وجماعات متمردة وفي العام الماضي تعهدت بتقديم مليار دولار لصندوق إعادة اعمار السودان.
وقطر قوة اقتصادية رغم صغر حجمها -اذ أن عدد مواطنيها يتجاوز 200 ألف بقليل.
وقطر حليفة وثيقة للولايات المتحدة وتستضيف قاعدة عسكرية أمريكية كبيرة. وهي تملك احتياطيات غزيرة من الغاز الطبيعي مما يجعلها واحدة من أغنى الدول واكبر مصدر للغاز الطبيعي المسال في العالم.
كما أن بها مقر قناة الجزيرة الفضائية التي تمولها الحكومة وهي الشبكة الاخبارية التي لعبت دورا محوريا في "الربيع العربي" الذي اجتاح المنطقة. وخطف عدد من العاملين بها في ليبيا في مارس اذار وقتل اخر في كمين.
وكانت قطر قالت انها ستبني مستشفى في بنغازي تخليدا لذكرى الصحفي الذي قتل.
وتوفر ليبيا فرصة لقطر كي تتميز بدورها عن باقي الدول العربية المترددة بشأن التدخل حتى الان. وقد حظيت باهتمام لا بأس به لمشاركتها في العملية العسكرية.
وقال ديفيد روبرتس نائب مدير المعهد الملكي لدراسات الامن والدفاع ومقره الدوحة "النخبة في الدوحة تعتقد فيما يبدو أن العالم العربي به الكثير من الزعماء الذين نصبوا أنفسهم لكن قلة منهم هي التي يمكن وضعها في الحسبان بالفعل."
وكان مسؤولون بوزارة الدفاع اليونانية قد قالوا ان الطائرات القطرية الست من طراز ميراج 2000 التي تستخدم قاعدة سودا الجوية لا تشارك الا في الدوريات ولا تشارك في الغارات.
وقدمت الامارات العربية المتحدة مساعدات انسانية لليبيا وقال متحدث باسم القوات المسلحة الفرنسية يوم الخميس ان طائرات مقاتلة من الامارات وصلت الى قاعدة جوية في سردينيا لدعم عملية التحالف في ليبيا.
وقال المتحدث تيري بركار في لقاء مع الصحفيين انه لا يمكنه تأكيد أي تفاصيل بشأن نشر المقاتلات في الحملة ضد قوات معمر القذافي.
وقال متحدث باسم وزارة الدفاع ان هناك 12 طائرة اماراتية في سردينيا. وكانت الامارات قد ذكرت أنها ستسهم باثنتي عشرة طائرة في الدوريات فوق ليبيا.
ومن غير المرجح أن تنتقد دول الخليج التحرك القطري في ليبيا اذ قد يسعى الكثير منها الى أن يحذو حذوها.
لكن تصرفات قطر تنطوي على مخاطر. فقطر تعلم جيدا أن للقذافي سجلا من العمل خارج حدود ليبيا لاستهداف المعارضين او مساندة جماعات متشددة او دعم قضايا يؤيدها. واتهمته السعودية ذات مرة بالتخطيط لاغتيال الملك عبد الله.
وقال مصدر مقيم في الدوحة مطلع على الدبلوماسية القطرية "بعض من في الحكومة القطرية غير مرتاحين لهذا. لديهم مخاوف."
لكن الدوحة قد تكسب مكانة لا بأس بها اذا ربحت في هذه المقامرة.
وقال حسن ابراهيم وهو محلل ومنتج أفلام وثائقية يتنقل بين الدوحة والقاهرة ان هناك موجة ثورات تجتاح الشرق الاوسط وان اي حكومة تدعم الشعوب العربية ستجني الثمار فيما بعد.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire