مرت انطلاقة حركة حماس على ما يرام وفي أجواء مشمسة كما كان التمني والدعاء من المنطلقين، وقد تم التنظيم كما خططوا وكان لهم الحشد الذي أرادوا، وأوصلوا الرسالة التي شاءوا. ولو يسمح لحركة فتح أن تنظم مهرجانها في مكان عام لكانت التمنيات والأدعية ذاتها، فهذا هو حال الفصائل بمجملها عند تنظيم مهرجاناتها خصوصاً مهرجانات الانطلاقة، التي يعتبرونها مؤشراً قوياً على شعبيتها.
يشارك الفصائل بالتمنيات والدعاء بالاستقرار الجوي، من تهدمت بيوتهم وأصبحوا بلا مأوى بعد العدوان الأخير على قطاع غزة والمتمثل بعملية الرصاص المسكوب، ولكن يختلف هؤلاء مع هذه الفصائل أنهم لا يرغبون في درجة استقرار جوي تذكرهم حر الصيف، كما أنهم لا يحبون الحشودات ولا متابعة الناس لهم.
إن وجود أسر بلا مأوى لما يقارب عامين بعد العدوان الإسرائيلي – يعد الحصار السبب الرئيسي في ذلك- يضع العديد من علامات الاستفهام حول من يقف وراء التقصير بحق تلك الأسر، فهناك عشرات البدائل للعيش في خيام لا تقي برد الشتاء وحر الصيف، ولا تحمي من أعين المارة الذي يصل حب الاستطلاع في بعضهم ليفتح الخيام ليرى من فيها. هذا علاوة على التلوث الذي ينتشر في تلك الخيام الذي يعد الأطفال أكثر المتضررين منه، بخلاف الحالة
النفسية بالغة السوء التي تصاحب ساكنيها والخوف الشديد من كل ما يحيط بهم، وخير مثال على الصعوبة التي يحياها سكان الخيام هي حالة المواطنة "و ع" هي وأطفالها السبعة في منطقة العطاطرة - بيت لاهيا، فبعد تدمير قوات الاحتلال لمنزلها وإعدام أحد أطفالها أمام ناظريها، فلا زالت تعاني الأمرين هي وأطفالها من الخيمة التي تعيش فيها، والتي لا تلبي الحد الأدنى الذي يجب توافره في المسكن، حيث تنعدم السلامة الأمنية والصحية، بل أن أطفالها مداومون في زيارة العيادات الصحية بسبب سوء أوضاعهم الصحية، هذا بخلاف حالتهم النفسية السيئة، فهم يتخيلون أصوات الرعد قذائف، وأي طرق رصاص، كما أنهم يتخيلون أي حركة في محيط الخيمة حيواناً يريد افتراسهم.
إن الحق في السكن المناسب حق أصيل من حقوق الإنسان كفلته المعايير الدولية لحقوق الإنسان، ومن قبل كفلته الشرائع السماوية، فقد كفلت الأولى الحق في السكن المناسب ووضعت معايير خاصة يجب توافرها في هذا السكن بما يضمن الكرامة ويؤمن الحق في الخصوصية الشخصية والحياة الأسرية، فالبيت هو مكان الحياة الحميمة والأمن والخصوصية.
وبدورها أوجبت الشريعة الإسلامية على من يلي أمر المسلمين أن يقوم بواجباتهم على الوجه الأكمل، ومن هذه الواجبات توفير السكن لجميع الأفراد، سيما العاجزين عن توفير ذلك السكن لمانع ما. وقد حث الإسلام على ضمان الحريات الثلاث للمسكن وهي:
1- حرية اختيار المسكن واستعماله وفق الضوابط الشرعية، فيستعمل السكن فيما لا يلحق الضرر بجيرانه ولا بغيرهم (لا ضرر ولا ضرار).
2- عدم دخول المسكن بغير إذن صاحبه إلا بمسوغ شرعي.
3- عدم النظر إلى داخل المسكن.
إن الحق في السكن المناسب حق أصيل من حقوق الإنسان كفلته المعايير الدولية لحقوق الإنسان، ومن قبل كفلته الشرائع السماوية، فقد كفلت الأولى الحق في السكن المناسب ووضعت معايير خاصة يجب توافرها في هذا السكن بما يضمن الكرامة ويؤمن الحق في الخصوصية الشخصية والحياة الأسرية، فالبيت هو مكان الحياة الحميمة والأمن والخصوصية.
في الاتجاه ذاته، يقول الإمام ابن حزم: "فُرض على الأغنياء من أهل كل بلد أن يقوموا بفقرائهم، ويجبرهم السلطان على ذلك إن لم تقم الزكوات، ولا فيىء سائر أموال المسلمين بهم. فيقام لهم بما يأكلون من القوت الذي لابد منه، ومن اللباس للشتاء والصيف بمثل ذلك، وبمسكن يقيهم من المطر والصيف والشمس وعيون المارة. وبذلك يؤكد ابن حزم مسؤولية الدولة، عن كفالة حق المأوى. ويشترط ابن حزم شروطاً في المسكن، هي أن يقي ساكنه المطر في الشتاء وحر الصيف وعيون المارة. وفي ذلك محافظة على كرامة الفرد في بيته ـ وهو موضع أسراره ـ فلا يجوز أن يكون بحيث تطّلع عيون المارة على عوراته.
إذاً فإننا نتفهم كره ساكني الخيام للمطر، بل وكرههم لحر الصيف، لكن كرههم للمطر ليس كرهاً للخير، بل خوفاً على سلامتهم التي يهددها غياب المأوى. من هنا فإنه من واجب حكومتي غزة والضفة وبما تسمح به الظروف المادية أن توفر السكن المناسب لفاقديه سيما من فقدوه بسبب العدوان الإسرائيلي، ولعل من ينفق الأموال الطائلة لتنظيم مهرجانات الانطلاقة، يستطيع أن يوفر من المال ما يأوي الناس ويستر عوراتهم.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire